غـورنيـكـــا لوحة للـفـنـان الإسبـانـي بـابلـو بيـكـاســو.
لـعلـه فـي مثـل هـذه الـظـروف .. أفضـل لـوحـة تـصـور مـا يـحدث هـي لـوحـة "غـورنيـكـا" حيث انها لـوحـة تـجسـد وحشـيـة الـحرب والـجرائـم البشـريـة.
غـورنيـكـا هـي مـديـنـة اسـبانيـة تـعرضـت لهـجـوم القـوات الألمـانيـة عـام 1938، وأثـنـاء هـذا الـهـجـوم أصيـب الـعديـد من البشـر وراحت كثيـر مـن الأرواح ضـحيـة هـذا الـعدوان.
كـان بيـكـاسـو أثـنـاء ذلـك يـقيـم فـي بـاريـس التـي مـارس فيـهـا مهـنـة الفـن طـويـلا، ولـدى سـمـاعـه بالخبـر، تـأثـر كثيـرا وأزعـجـه مـا حدث، فقرر أن يـرسـم لـوحـة تـحتـج علـى مـا حدث.
وأن يـهـدي هـذه اللـوحـة لمـوطنـه إسبـانيـا..
حيـن عـُرضت اللـوحـة لأول مـرة فـي أحـد الـعروض الفـنيـة، نـالت اعتـراض بـعض النـقـاد وخـاصـة الألـمـان منـهم، بـادعـاء أنـها لـوحـة "بسيـطة" و"مـجرد خربشـات" يسـتـطيـع أي صبـي صغيـر رسـمـها..
ولـكن بـعد ذلـك، بـدأت اللـوحـة تـأخـذ حيـزا فـي سـاحـة الفـن، حتـى اعتـبـروهـا مـن أهـم واقـوى اللـوحـات الفـنيـة التـي رسـمهـا بيـكـاسـو علـى الإطـلاق.
فـي لـوحـة غـورنيـكـا.. نـرى مشـهـد ذعـر وألـم وبـلبلـة يـحـيـط ببـعض البشـر أثـنـاء حـدوث اعتـداء عليـهـم..
مـنـهـم مـن يـصـرخ، مـنهـم مـن يبـكي، مـنـهـم مـن يـستـغيث، مـن يـحاول الهـرب ومـن ألـقـي أرضـا صـريـع هـذا الحـدث الدمـوي..
فـي اللـوحـة نشـاهـد ايضـا امـرأة تـحـمل طـفـلا، يـقـال إن الـفـنـان اسـتـعـار فـكرتـهـا مـن لـوحـة "مـذبـحـة الأبـريـاء" للفـنـان بـول روبنـز.
اسـتـعـمل بيـكاسـو بـعض الأمـور التـي تـدل علـى الحـرب كالسـكيـن والحصـان والثــور..
وربـمـا الثـور جـاء هـنـا رمـزا للهـمجيـة والـعـنـف المـمـارس فـي الحـروب.
مـا يـلفت النـظر فـي هـذه اللـوحـة، أنهـا رسـمت باللونيـن الأبيـض والأسـود.. ربـمـا تـقصـد الفـنـان ذلـك حتـى يـشيـر الى سـوداويـة الـحرب وبشـاعتـهـا
كـمـا وأن الرسـام تـخـلى هـنـا عـن رسـم الجـنـود المعتـديـن، وسـلّـط الضـوء بـدل ذلـك علـى البشـر، علـى الأبـريـاء والأطفـال ضـحـايـا أي عـدوان يـمـارس، مهـمـا كـانت جنسـيـة المـعتـدي ومـهـما كـانت دوافعـه.
يشـار إلـى أن بيـكـاسـو كـان رسـامـا منـتميـا إلـى فـئـة الضـعفـاء والمسـاكيـن، وكـان تـعـاطفـه مـعـهـم بـارزا فـي أكثـر لـوحـاتـه..
لـوحـة "غـورنيـكـا" صـارت اليـوم رمـزا لهـمجيـة الـحرب ومـآسيـهـا, ورمـزا احـتـجاجيـا علـى حـقـوق الإنسـان الضـائـعة فـي كـل الحـروب .